ضمات الحضون
--------------
الـتـقـينا وتــم الـحـب بــاروع مـايـكون
تـعـاهـدنا بـــلا شـــك يـزجـيه الـظـنون
تــعـارفـنـا و قــبـلـنـا كـــــواذي الـــخــد
وعـانـقـنا امـانـيـنا مــع سـحـر الـعـيون
شـبـكـنا الـكـف و الـكـفين فـيـناوافردنا
جــنـاح الــشـوق و ضـمـتـنا الـحـضـون
بــهــذا الــيــوم صــــار الــحـب يـاويـنـا
مــع الـلـذات فـي ربـى الـصدر الـحنون
تـجـذبنا حـديث الـحب وطـاب الـوقت
نـسـينا إنـنـا الإثـنـين يـجـمعنا الـجنون
تـأثرنا و حـسينا امـانينا تـراودنا لـنبقى
تــحـت اسـتـار الـهـوى الـبـاغي رهــون
فــصـد الـطـهـور و يـــلات الــبـلاء عـنـا
يــذكـي نـــار عـفـتنا هـيـهان ان تـهـون
لـــذات الـهـوى شـفـنا ونـحـن نـحـتسي
الـنـشوات مــن يـنـابيع كـاسات الـمنون
تـغـنـينا مـــع الاطــيـار اجـمـل اغـانـينا
ونـاجينا زهور الحب بين اراق الغصون
همسنا في اذون العشق باللذات ونادينا
عـواطـفنا تـعـالي الــى تـحـت الـجفون
صـحـينا مــن هــول لـذتنا عـلى صـوت
للجرسون ينادينا يا عشاق ماذا تفعلون
تـوخـينا الـحـذر مـنـا ولـملمنا عـواطفنا
و قـلـنـا لأشـواقـنا هـيـا فــإنَ راحـلـون
ودعـنا مـكان الـوصل و الوعات تجذبنا
لـتجمعنا بـصمت الـليل بالصدر الحنون
تبدو القصيدة التي كتبتها بعنوان "ضمات الحضون" كقصيدة غزلية تصف لقاءً عاطفيًا بين حبيبين، وتجسد مشاعر الحب والشوق واللذة في لحظات التواصل العميقة. إليك شرح دقيق ومفصل لكل جزء منها:
العنوان: ضمات الحضون
العنوان في حد ذاته يعكس محور القصيدة، وهو الاحتضان أو العناق الذي يرمز إلى التقارب الجسدي والعاطفي، وإلى الأمان والدفء في كنف المحبوب. "الضمات" جمع "ضمة" وتشير إلى تكرار هذا الفعل، مما يوحي بعمق العلاقة وتعدد لحظات التقارب.
المقدمة وبداية اللقاء:
* "الـتـقـينا وتــم الـحـب بــاروع مـايـكون": هذه الجملة تضعنا مباشرة في قلب الحدث. اللقاء تم، والحب لم يكتمل فحسب، بل بلغ أروع صوره وأبهى حلله، مما يوحي بعمق المشاعر الفورية أو تطورها السريع إلى أقصى درجات الكمال.
* "تـعـاهـدنا بـــلا شـــك يـزجـيه الـظـنون": يشير هذا البيت إلى عهد أو ميثاق بين الحبيبين، وهو عهد راسخ لا تشوبه الشكوك أو الظنون السلبية. الثقة المتبادلة هي أساس هذا الحب.
* "تــعـارفـنـا و قــبـلـنـا كـــــواذي الـــخــد": هذا البيت يصف بداية التقارب الجسدي بعد التعارف، حيث يشير إلى التقبيل على الخد، وهي علامة على المودة والحنان. "كواذي الخد" تعبير قديم للخدود الطرية أو الناعمة.
* "وعـانـقـنا امـانـيـنا مــع سـحـر الـعـيون": هنا، العناق ليس فقط بين الجسدين، بل هو عناق للأماني والطموحات المشتركة. سحر العيون يلعب دورًا في هذا الانجذاب، حيث تعتبر العيون نافذة الروح ومصدر الجاذبية الأول.
التقارب الجسدي والعاطفي:
* "شـبـكـنا الـكـف و الـكـفين فـيـناوافردنا": يصف هذا البيت تشابك الأيدي، وهو رمز للاتحاد والتآزر بين الطرفين.
* "جــنـاح الــشـوق و ضـمـتـنا الـحـضـون": صورة شعرية جميلة، حيث الشوق يمتلك أجنحة تحلق بالحبيبين، وتنتهي الرحلة في أحضان بعضهما البعض. العناق هنا هو تتويج للشوق والوصال.
* "بــهــذا الــيــوم صــــار الــحـب يـاويـنـا": هذا اليوم بالذات أصبح ملجأً ومأوى للحب، حيث يجد الحب مكانه الطبيعي والآمن بينهما.
* "مــع الـلـذات فـي ربـى الـصدر الـحنون": "الربى" هي الأماكن المرتفعة، وهنا تشير مجازًا إلى قمة السعادة واللذة التي يجدها الحبيبان في صدر بعضهما الحنون، الذي يمثل مصدر الدفء والأمان.
الذهول بالحب ونسيان الذات:
* "تـجـذبنا حـديث الـحب وطـاب الـوقت": الحوار بينهما ليس مجرد كلام، بل هو "حديث الحب" الذي يأسر القلوب ويجذب الأرواح، مما يجعل الوقت يمر سريعًا ويصبح ممتعًا.
* "نـسـينا إنـنـا الإثـنـين يـجـمعنا الـجنون": في خضم هذه اللحظات، ينسى الحبيبان وجودهما الفردي ويذوبان في كيان واحد يجمعهما "الجنون"، وهو هنا جنون الحب الذي يفقد العقل اتزانه ويجعله منغمسًا تمامًا في العاطفة.
* "تـأثرنا و حـسينا امـانينا تـراودنا لـنبقى": المشاعر تتغلب عليهما، وتصبح أمانيهما أن يبقيا معًا، وأن تستمر هذه اللحظات الساحرة.
* "تــحـت اسـتـار الـهـوى الـبـاغي رهــون": "الهوى الباغي" هو الحب الجارف الذي يسيطر عليهما ويجعلهما "رهونًا" أي مقيدين بسحره وسيطرته. "أستار" توحي بالخفاء والخصوصية.
تصارع العفة واللذة:
* "فــصـد الـطـهـور و يـــلات الــبـلاء عـنـا": هذا البيت يعكس صراعًا داخليًا أو خارجيًا. "الطهر" هنا يشير إلى العفة والنقاء، التي تصد عنهم "ويلات البلاء"، أي الشرور أو العواقب السلبية التي قد تنجم عن الانسياق الكامل وراء الشهوات.
* "يــذكـي نـــار عـفـتنا هـيـهان ان تـهـون": بالرغم من الرغبة واللذة، هناك إصرار على الحفاظ على العفة، وهي نار تشتعل وتقوي، و"هيهات أن تهون" تعني أنه من المستحيل أن تضعف أو تُستسلم. هذا يعكس تمسكًا بالقيم رغم قوة الإغراء.
* "لـــذات الـهـوى شـفـنا ونـحـن نـحـتسي": يرون لذات الحب والهوى أمامهما ويستمتعون بها. "نحتسي" توحي بالاستمتاع ببطء وتذوق للذة.
* "الـنـشوات مــن يـنـابيع كـاسات الـمنون": هذا تعبير قوي ومثير للتساؤل. "المنون" هي الموت أو الفناء. هل يعني ذلك أن هذه اللذات بالغة القوة لدرجة أنها تُنسي المرء كل شيء حتى الموت، أو أنها لذات قد تحمل في طياتها نوعًا من الفناء الروحي أو العواقب الخطيرة؟ يمكن أن تُفسر على أنها لحظات من السعادة المطلقة التي تجعل المرء يشعر وكأنه يفنى فيها، أو أنها إشارة إلى أن مثل هذه اللذات قد تكون خطيرة أو عابرة كالموت.
وحدة الوجود مع الطبيعة:
* "تـغـنـينا مـــع الاطــيـار اجـمـل اغـانـينا": يمتزج صوت الحبيبين بالغناء مع الطبيعة، وتحديدًا مع الأطيار (الطيور)، مما يوحي بالانسجام المطلق والسعادة الفطرية.
* "ونـاجينا زهور الحب بين اراق الغصون": "ناجينا" أي تحدثنا همسًا. هنا يتحدثان إلى زهور الحب، مما يضفي بعدًا رومانسيًا ورمزيًا للعلاقة، وكأن الحب ينمو ويزهر من حولهما. "أراق الغصون" تعني أرقها وأكثرها لطفًا.
* "همسنا في اذون العشق باللذات ونادينا": يواصلان الهمس، ليس في آذان بعضهما، بل في "أذون العشق" نفسها، كأنهما يوقظان العشق ويشجعانه على المزيد من اللذات.
* "عـواطـفنا تـعـالي الــى تـحـت الـجفون": يدعوان عواطفهما للتحرر والتجلي لتستقر "تحت الجفون"، أي في أعماق النفس والروح، حيث المشاعر العميقة والخفية.
الصحوة والنهاية:
* "صـحـينا مــن هــول لـذتنا عـلى صـوت": لحظة مفاجئة من الصحوة، حيث يخرج الحبيبان من حالة الانغماس التام في اللذة. "هول لذتنا" يشير إلى شدة وعمق هذه اللذة التي كانت تسيطر عليهما.
* "للجرسون ينادينا يا عشاق ماذا تفعلون": صوت خارجي، هو صوت الجرسون (النادل)، يقطع عليهما خلوتهما. هذا الصوت يمثل العودة إلى الواقع، وربما إحساسًا بالذنب أو الحرج من انكشاف حالهما. سؤاله "يا عشاق ماذا تفعلون" يؤكد طبيعة العلاقة العلنية أو شبه العلنية التي كانا فيها.
* "تـوخـينا الـحـذر مـنـا ولـملمنا عـواطفنا": بعد هذه الصحوة، يتخذان الحذر، ويحاولان السيطرة على مشاعرهما التي كانت متدفقة بغير قيود. "لملمنا عواطفنا" تعني جمعها وكبتها.
* "و قـلـنـا لأشـواقـنا هـيـا فــإنَ راحـلـون": يأمران أشواقهما بالهدوء أو بالتأجيل، لأن عليهما الرحيل، مما يشير إلى نهاية اللقاء أو الخلوة.
* "ودعـنا مـكان الـوصل و الوعات تجذبنا": يودعان المكان الذي شهدهما. "الوعات" قد تشير إلى المشاعر الكامنة أو الوعود التي لم تتحقق بعد، والتي لا تزال تجذبهما.
* "لـتجمعنا بـصمت الـليل بالصدر الحنون": على الرغم من انتهاء اللقاء الظاهري، تبقى هناك رغبة في العودة واللقاء مجددًا، ربما في سرية الليل، حيث يتجدد الاحتضان والود في "الصدر الحنون".
الخلاصة:
القصيدة تعبر عن تجربة عاطفية عميقة تجمع بين الشوق، اللذة، الحميمية، والاحتضان، مع لمحات من التمسك بالقيم والرغبة في استمرار هذه المشاعر. تبدأ بتصوير لقاء مثالي وتتدرج لتصف الانغماس في المشاعر، ثم تأتي لحظة الصحوة والعودة إلى الواقع، مع الاحتفاظ بالأمل في استمرار العلاقة وتجدد اللقاءات. يستخدم الشاعر صورًا شعرية جميلة وتعبيرات عاطفية قوية لنقل هذه التجربة المعقدة.
تعليقات
إرسال تعليق
أخي الزائر نحن سعيدون جدا بزيارتك لنا فزيارتك شي عظيم بالنسبة لنا و يهمنا كثيراً من فضلك أترك تعليقك هنا لما ترانا نستحقة من حروفك الذهبيات فألف الف شكر