لذة الشوق
--------------
يـا لـذيذ الـحب يـا فـجر الـمحال
يــا جـمال الـروح والـقلب الـعميد
يـا نـجيع الزهر في همس الخيال
يــا عـناق الـشوق فـي دم الـوريد
عـانقي روحـي بـحسنك والـدلال
و جـعلي اللذات في جسمي تزيد
اطفي نار الشوق جودي بالوصال
احـرقي الاحـزان والصمت البعيد
لا تــبـاعـد لا تـخـاصـم لا جـــدال
لا مـجـال لـلـشك فـيـنا ان يـجيد
لـعـبت الاوهـام عـن قـلب الـنزال
و ان يسيم القلب بالنار و الحديد
كـل سـاكن بي قد تحرك وستزال
حتى ان الروح اتت ترجوا المزيد
مـن حـنانك مـن غرامك والجمال
من مرافي الحب في شط القديد
يـاغـرامـي يــا فــوأدي و الـغـلال
اجـعلي الاحضان وعدي والوعيد
احـرقـيني بـيـن سـهلك و الـتلال
و انـثـريـني عــلـى جـمـر الـوقـيد
"لذة الشوق" هي قصيدة غزلية تعبر عن عمق الحب والشوق واللهفة للوصال. يصور الشاعر فيها معاناته من ألم البعد وشدة رغبته في القرب من المحبوب. إليك شرح دقيق للأبيات:
يا لذيذ الحب يا فجر المحال
يا جمال الروح والقلب العميد
يا نجيع الزهر في همس الخيال
يا عناق الشوق في دم الوريد
في هذه الأبيات الافتتاحية، يبدأ الشاعر بوصف المحبوب بأجمل الصفات، فهو "لذيذ الحب" و**"فجر المحال"**، كناية عن كونه مصدر السعادة والأمل، حتى لو كان وصاله يبدو مستحيلاً أحياناً. ويصفه بأنه "جمال الروح والقلب العميد"، مما يدل على أن جماله ليس حسياً فقط بل روحي أيضاً، وقد تمكن من قلبه تماماً.
استخدامه لتعبير "نجيع الزهر في همس الخيال" يجسد جمال المحبوب بطريقة حسية وروحية في آن واحد؛ فالزهر رمزه للجمال والرقة، و"النجيع" هو العصير أو خلاصة الشيء، مما يوحي بأن المحبوب هو خلاصة الجمال والرقة، ووجوده حتى في الخيال يجلب السعادة. أما "عناق الشوق في دم الوريد" فيصور الشوق كشيء حي يسري في عروقه، ملازماً له كنبض الحياة، مما يؤكد على عمق هذا الشوق وتغلغله في كيانه.
عانقي روحي بحسنك والدلال
واجعلي اللذات في جسمي تزيد
اطفي نار الشوق جودي بالوصال
احرقي الأحزان والصمت البعيد
هنا، ينتقل الشاعر إلى مناشدة المحبوب بالوصل. يطلب منها أن "تعانق روحه بحسنها ودلالها"، ليس فقط جسدياً بل روحياً، وأن تمنحه السعادة التي تزيد من لذاته. يصور الشوق كـ**"نار"** ملتهبة، ويطلب من المحبوب أن "تطفئها بالوصال". ويختم بطلب أن "تحرق الأحزان والصمت البعيد"، فالوصال وحده القادر على تبديد الهموم وإنهاء حالة البعد والانعزال التي يعيشها بسبب غياب المحبوب.
لا تباعد لا تخاصم لا جدال
لا مجال للشك فينا أن يجيد
لعبت الأوهام عن قلب النزال
وأن يسيم القلب بالنار والحديد
في هذه الأبيات، يناشد الشاعر المحبوب ألا تبتعد أو تخصمه، مؤكداً أنه لا يوجد "مجال للشك" في قوة حبهما. يعترف بأن "الأوهام" قد حاولت التسلل إلى قلبه وتلعب به، لكنه يرفض أن "يسيم القلب بالنار والحديد"، أي أن يبقى قلبه محترقاً بالألم أو يقسو عليه بسبب الشكوك أو الخصام. يظهر هنا صراع الشاعر مع مشاعر القلق والخوف من الفراق، ورغبته في طمأنة المحبوب وتأكيد نقاء العلاقة.
كل ساكن بي قد تحرك وستزال
حتى أن الروح أتت ترجوا المزيد
من حنانك من غرامك والجمال
من مرافئ الحب في شط القديد
هنا، يعبر الشاعر عن مدى تأثير المحبوب عليه. فـ**"كل ساكن به قد تحرك"، أي أن كيانه كله قد اهتز وتفاعل مع هذا الحب، وأن هذه الأوهام أو العقبات "ستزال" بوجود المحبوب. يصل الأمر إلى أن "الروح أتت ترجو المزيد"، مما يدل على شدة حاجته وشوقه الدائم لحنان المحبوب وغرامه وجماله. يشبه الحب بـ"مرافئ"** آمنة على "شط القديد"، وهو مكان يرمز إلى الراحة والأمان والخصب، مما يؤكد أن المحبوب هو الملجأ والملاذ الذي يبحث عنه.
يا غرامي يا فؤادي والغلال
اجعلي الأحضان وعدي والوعيد
احرقيني بين سهلك والتلال
وانثريني على جمر الوقيد
في الأبيات الختامية، يتوجه الشاعر بنداء مباشر إلى المحبوب، واصفاً إياها بـ**"غرامي وفؤادي والغلال"** (والغلال هنا قد تعني ثمار القلب أو خلاصة الوجود). يطلب منها أن تجعل "الأحضان وعده ووعيده"، كناية عن رغبته في أن يكون الوصال هو المصير الوحيد والمحتوم، وأن تكون الأحضان هي العهد الذي يربطهما.
ختاماً، يعبر الشاعر عن أقصى درجات الذوبان والتفاني في الحب، طالباً منها أن "تحرقه بين سهلها والتلال"، وهي صورة شعرية مجازية تدل على رغبته في أن يتلاشى وجوده في قربها، وأن يكون لها تماماً. و**"انثريني على جمر الوقيد"** هي صورة قوية جداً تدل على شدة حبه واستعداده للتضحية والذوبان في هذا الحب حتى لو كان مؤلماً، فالمهم هو القرب والاتحاد بالمحبوب، حتى لو كان ذلك يعني الاحتراق شوقاً وعشقاً.
باختصار، القصيدة تصور رحلة الشوق العميقة، من وصف المحبوب بشتى أشكال الجمال، إلى مناشدة الوصال، مروراً بالصراع مع الأوهام، وانتهاءً بالذوبان الكلي والتفاني في هذا الحب.
تعليقات
إرسال تعليق
أخي الزائر نحن سعيدون جدا بزيارتك لنا فزيارتك شي عظيم بالنسبة لنا و يهمنا كثيراً من فضلك أترك تعليقك هنا لما ترانا نستحقة من حروفك الذهبيات فألف الف شكر