بكر غبش شق قلبي شقتين

 تخيل و احلام

--------------

الشاعر عارف أحمد سيف الميرابي 

--------------

اجــلــس احــاكــي خــيــال انــســان

بــالـنـت واتــخـيـل وقــوفـه امــامـي

اهــــذي واتــصـور مــلامـح والـــوان

مـــا اذكـــر الا حــيـن اسـمـع كـلامـي

اقـــول لــهـا هــيـا تـعـالي لـلاحـضان

تـقـدمـي نـحـوي و ضـمـي عـضـامي

انــا شـبـيه انـسـان مـمـزوج بـحرمان

مـــا اقــدر اتـحـمل مـزيـد احـتـلامي

مـن اجـلها اتـحمل مـشاكل وعـصيان

و احـمـل مــع ذلــك مـسـوي نـظامي

حــبـي لــهـا فـائـق مـاكـان بـحـسبان

ولا انـدرج يـوم فـي الـبيان الختامي

خـمسة عـشر عام له تباريح واشجان

فــي داخـل الـنبضات تـشعل غـرامي

اذا اتـانـي الـليل احـس فـني هـذيان

اجـــلــس انـاجـيـهـا بــلــذة مــنـامـي

احــيـان الاقـيـها عـلـى كــف بـسـتان

و احــيـان اواعـدهـا بـسـطح الـغـمام

اقـول لـها يـا روح  لقد صرت كسبان

من يوم دخلتي القلب تجمع حطامي

مــالـي مــع الـدنـيا قـلائـد و تـيـجان

انــتـي مـسـراتـي و انــتـي وســامـي

انــتــي مــلـذاتـي افـــراح و احـــزان

وانــتـي مـبـاهج نـشـوتي و نـتـقامي

بـروض روحـك الـتقي اوقت سكران

اسـرح و امرح فيك و انصب خيامي

اخــاطـب الـعـالـم جــنـي و شـيـطان

بــان الـهوى قـد صـار مـاسك زمـامي

فـــي حـبـهـا قـلـبـي مـولـع و ولـهـان

مــن قـبـل ان تـشتد سـواري قـوامي

تـشـهد عـلـى حـبـي لـها كـل الامـكان

بــهـا الـتـقـى الـقـلبان حـنـح الـظـلام

مــا مـثـلها حـبـيت مـن قـبل ومـاكان

لــمــثـل مـــنــي لــذيــذ انـسـجـامـي

شـنت عـلى قـلبي مـن الـحب امـزان

حــتـى انـهـا نـالـت مـزيـد احـتـرامي

يا له من نص شعري رقيق وعميق! اسمح لي أن أغوص في تفاصيله وأشرح لك الأبيات بيتًا بيتًا، محاولًا استكشاف ما بين السطور من مشاعر وأفكار:

اجــلــس احــاكــي خــيــال انــســان

بــالـنـت واتــخـيـل وقــوفـه امــامـي

يفتتح الشاعر قصيدته بصورة مؤثرة، حيث يجلس وحيدًا يحادث خيال شخص عزيز عبر الإنترنت. هذا يصور حالة من الشوق والوحدة، حيث يصبح الخيال وسيلة للتواصل مع من يحب. استخدام "بالنت" يربط هذه المشاعر الإنسانية التقليدية بالواقع المعاصر ووسائل الاتصال الحديثة.

اهــــذي واتــصـور مــلامـح والـــوان

مـــا اذكـــر الا حــيـن اسـمـع كـلامـي

في هذه الأبيات، يصف الشاعر كيف يستغرق في تخيل تفاصيل هذا الشخص، ملامحه وألوانه، وكأنها حاضرة أمامه. لكن هذا التصور يبقى مرتبطًا بذكرى كلماتها، مما يوحي بأن الصوت والحديث هما ما يحييان هذا الخيال ويجعلانه أكثر واقعية.

اقـــول لــهـا هــيـا تـعـالي لـلاحـضان

تـقـدمـي نـحـوي و ضـمـي عـضـامي

هنا يتجلى الشوق الجسدي والعاطفي العميق. يتمنى الشاعر حضور المحبوبة الفعلي، ليضمها ويشعر بدفئها. هذا التعبير عن الحاجة إلى القرب المادي يعكس مدى افتقاده لوجودها الحقيقي.

انــا شـبـيه انـسـان مـمـزوج بـحرمان

مـــا اقــدر اتـحـمل مـزيـد احـتـلامي

يصف الشاعر نفسه بأنه "شبيه إنسان ممزوج بحرمان"، مما يدل على شعوره بالنقص أو عدم الاكتمال بسبب غياب المحبوبة. ويوضح أنه لم يعد قادرًا على تحمل المزيد من هذا "الاحتلام" أو الأحلام والتخيلات التي تذكره بما يفتقده.

مـن اجـلها اتـحمل مـشاكل وعـصيان

و احـمـل مــع ذلــك مـسـوي نـظامي

هذا البيت يظهر قوة تأثير الحب على حياة الشاعر. فهو يتحمل الصعاب وربما حتى يتجاوز بعض الأعراف ("عصيان") من أجل هذه العلاقة. وفي الوقت نفسه، يحافظ على نظام حياته، مما يوحي بأن هذا الحب يمثل قوة دافعة وليست مجرد فوضى عاطفية.

حــبـي لــهـا فـائـق مـاكـان بـحـسبان

ولا انـدرج يـوم فـي الـبيان الختامي

يؤكد الشاعر على عظمة حبه الذي فاق كل توقع أو تقدير ("فائق ما كان بحسبان"). كما يشير إلى أن هذا الحب لا يمكن تلخيصه أو إنهاء وصفه بـ "بيان ختامي"، فهو شعور مستمر ومتجدد.

خـمسة عـشر عام له تباريح واشجان

فــي داخـل الـنبضات تـشعل غـرامي

يكشف الشاعر عن طول مدة هذا الحب، خمسة عشر عامًا مليئة بالشوق والأحزان ("تباريح وأشجان"). وعلى الرغم من طول هذه المدة، فإن هذا الحب لا يزال حيًا ومتوهجًا داخل قلبه ("في داخل النبضات تشعل غرامي").

اذا اتـانـي الـليل احـس فـني هـذيان

اجـــلــس انـاجـيـهـا بــلــذة مــنـامـي

يصور الليل كفترة تزداد فيها وطأة الشوق، حتى يشعر الشاعر وكأن أفكاره هذيان. لكن في هذا الهذيان يجد لذة في مناجاة المحبوبة في أحلامه ("بلذة منامي").

احــيـان الاقـيـها عـلـى كــف بـسـتان

و احــيـان اواعـدهـا بـسـطح الـغـمام

هذه الأبيات تحمل صورًا شاعرية رائعة للخيال الجامح. فتارة يجدها في مكان جميل وهادئ ("كف بستان")، وتارة أخرى يتخيل لقاءهما في مكان عالٍ وسامٍ ("سطح الغمام")، مما يعكس سمو مكانتها في قلبه.

اقـول لـها يـا روح  لقد صرت كسبان

من يوم دخلتي القلب تجمع حطامي

يخاطبها الشاعر بـ "يا روح" تعبيرًا عن مدى أهميتها وحيويتها بالنسبة له. ويشعر بأنه أصبح "كسبان" أي رابحًا منذ أن دخلت قلبه، حيث جمعت شتات نفسه وأعادت إليه الحياة بعد أن كان محطمًا.

مــالـي مــع الـدنـيا قـلائـد و تـيـجان

انــتـي مـسـراتـي و انــتـي وســامـي

هنا يؤكد الشاعر على أن سعادته وفخره لا تأتي من مظاهر الدنيا المادية ("قلائد وتيجان")، بل إن المحبوبة هي مصدر سروره وتقديره ("أنت مسراتي وأنت وسامي").

انــتــي مــلـذاتـي افـــراح و احـــزان

وانــتـي مـبـاهج نـشـوتي و نـتـقامي

يصف الشاعر المحبوبة بأنها تشمل كل جوانب تجربته العاطفية، فهي مصدر أفراحه وأحزانه، مباهج نشوته وحتى انتقامه (ربما بمعنى الانتصار على الوحدة أو اليأس بوجودها في خياله أو قلبه). هذا يدل على عمق تأثيرها على حياته.

بـروض روحـك الـتقي اوقت سكران

اسـرح و امرح فيك و انصب خيامي

يصور روح المحبوبة كروضة أو حديقة غناء يلتقي بها الشاعر ويشعر بالنشوة ("سكران"). وفي هذا الروض يسرح ويمرح بحرية وينصب خيامه، أي يجعل منها موطنًا دائمًا لروحه ومشاعره.

اخــاطـب الـعـالـم جــنـي و شـيـطان

بــان الـهوى قـد صـار مـاسك زمـامي

يصل الشاعر إلى حالة من النشوة العاطفية تجعله يخاطب حتى الجن والشيطان ليخبرهم بأن الحب قد استحوذ عليه تمامًا وأصبح هو المسيطر على حياته ("ماسك زمامي").

فـــي حـبـهـا قـلـبـي مـولـع و ولـهـان

مــن قـبـل ان تـشتد سـواري قـوامي

يؤكد الشاعر على أن هذا الحب عميق الجذور في قلبه ("مولع وولهان")، ويعود إلى فترة مبكرة من حياته ("من قبل أن تشتد سواري قوامي")، أي قبل أن يشتد عوده ويصبح شابًا قويًا.

تـشـهد عـلـى حـبـي لـها كـل الامـكان

بــهـا الـتـقـى الـقـلبان حـنـح الـظـلام

يستشهد الشاعر بكل الأماكن كشهود على حبه الصادق. وفي وجودها، يلتقي القلبان في لحظة حميمة ودافئة تبدد الظلام ("حنح الظلام").

مــا مـثـلها حـبـيت مـن قـبل ومـاكان

لــمــثـل مـــنــي لــذيــذ انـسـجـامـي

يختتم الشاعر بتأكيد فرادة هذا الحب وأنه لم يحب مثل هذا الحب من قبل ولن يحب مثله. ويعبر عن الانسجام العميق واللذيذ الذي يجده في هذا الشعور.

شـنت عـلى قـلـبي مـن الـحب امـزان

حــتـى انـهـا نـالـت مـزيـد احـتـرامي

في البيت الأخير، يستخدم الشاعر صورة قوية حيث يشبه الحب بـ "أمزان" أي مطر غزير انهمر على قلبه. وهذا الحب الغزير جعلها تنال المزيد من احترامه وتقديره.

بشكل عام، القصيدة تعبر عن شوق عميق وحب جارف لشخص بعيد، حيث يتداخل الواقع والخيال في وصف هذا الشعور القوي الذي يسيطر على حياة الشاعر ويمنحه معنى ودافعًا. الصور الشعرية المستخدمة غنية ومعبرة، وتكشف عن حس مرهف وعاطفة صادقة. آمل أن يكون هذا الشرح مفصلًا ودقيقًا كما طلبت. هل لديك أي أسئلة أخرى؟