دعيني الهو
--------------
عارف احمد سيف الميرابي
--------------
دعـيـنـي اتــرنـح مـنـتـشي ثـمـلا
بــيـن مـــزارع روحـــك الـيـانـعه
دعـيـنـي اغـنـي فــوق الـغـصون
لـقـد وجــدت فـرحـتي الـضـائعه
دعـيني اقـبل الـنور عـند الصباح
و اسـتـنـشـق انـفـاسـك الـرائـعـه
و احـضى بـالدفئ عـند الـشروق
بـحـضن شـعاع شـمسك الـطالعه
لـقد يـئست مـن عيش بلا مهجة
تـحـس بـفـيض مـقـلتي الـدامعه
فـمـا قـيـمة الـعـيش بــلا ان ارى
جـمـالُ يـغـذي مـهجتي الـجائعه
بــــلا بــسـمـة رســمـهـا الـحـنـان
عـلـى سـطـح شـفـه بـرقةٍ لامـعه
تـولـد حـبـك فــي صـميم الـفواد
ومـن مهجة الروح اشواقه نابعه
فـي مـرفأ عـينيك انـخت الـعتاد
وفـــي وجـنـتيك قـبـلتي قـابـعه
فــيـا زهــرة فــي جـمـال الـربـيع
نـمـت اغـصـان روحــك الـواسعه
دعـيني ارتـشف من لماك العطور
واروي من الروح انفاسها النازعه
فــــأن حــيـاتـي بــدونـك ثــبـور
و نـفـسي بـدون نـظرتك ضـائعه
يا له من طلب جميل! سأبذل قصارى جهدي لتقديم شرح مفصل ودقيق لهذه القصيدة الرقيقة للشاعر عارف أحمد سيف الميرابي، معبراً عن جمالها وعمق مشاعرها.
العنوان: دعيني الهوى
العنوان بسيط وعميق في آن واحد. "دعيني" فعل أمر للمؤنث المفرد، و"الهوى" يعني الحب الشديد والعشق. وكأن الشاعر يخاطب محبوبته برجاء وتوسل أن تسمح له بالانغماس في حبها، وأن يعيش هذا الشعور بكل جوارحه.
المقطع الأول:
> دعـيـنـي اتــرنـح مـنـتـشي ثـمـلا
> بــيـن مـــزارع روحـــك الـيـانـعه
>
* دعيني أترنح منتشي ثملا: يبدأ الشاعر بتكرار الرجاء "دعيني"، مؤكداً على حاجته لهذا السماح. يصف حالته بالترنح، وهو حركة غير منتظمة تدل على السكر أو النشوة. يربط هذا الترنح بالانتشاء والثمل، وهي حالات من السعادة الغامرة وفقدان الوعي بالواقع من فرط السرور.
* بين مزارع روحك اليانعة: هنا استعارة بديعة. يشبه روح محبوبته بالمزارع الخصبة واليانعة، أي المليئة بالحياة والنضارة والخير. وكأنه يريد أن يضيع في هذا الجمال الروحي، وأن يسكر من فيض مشاعرها وعواطفها.
المقطع الثاني:
> دعـيـنـي اغـنـي فــوق الـغـصون
> لـقـد وجــدت فـرحـتي الـضـائعه
>
* دعيني أغني فوق الغصون: يستمر في طلب السماح، وهذه المرة بالغناء فوق الغصون. الغناء عادة ما يرتبط بالفرح والبهجة والحرية. وتصويره بالغناء فوق الغصون يوحي بالانطلاق والتحليق في عالم الحب.
* لقد وجدت فرحتي الضائعة: يكشف هنا عن سبب هذا الشوق واللهفة. يرى أن فرحته وسعادته التي كان يبحث عنها قد وجدها أخيرًا في حب هذه المرأة.
المقطع الثالث:
> دعـيني اقـبل الـنور عـند الصباح
> و اسـتـنـشـق انـفـاسـك الـرائـعـه
>
* دعيني أقبل النور عند الصباح: يربط بين محبوبته والنور والإشراق. فكما أن الصباح يحمل معه النور والأمل، كذلك حضورها في حياته يمثل هذا النور الذي يقبله بشغف.
* وأستنشق أنفاسك الرائعة: يصف أنفاسها بالرائعة، وكأنها عطر الحياة الذي يتنفسه ويستمد منه قوته وسعادته. هذا تعبير عن مدى تأثيرها العميق في وجوده.
المقطع الرابع:
> و احـضى بـالدفئ عـند الـشروق
> بـحـضن شـعاع شـمسك الـطالعه
>
* وأحظى بالدفء عند الشروق: يربط هنا بين محبوبته وشروق الشمس، الذي يرمز إلى البدايات الجديدة والأمل والدفء. وكأنه يجد في قربها الدفء العاطفي والأمان.
* بحضن شعاع شمسك الطالعة: يضيف إلى هذا المعنى تشبيهًا آخر، حيث يشبهها بالشمس الطالعة وأشعتها الدافئة التي تحتضنه وتمنحه الحياة.
المقطع الخامس:
> لـقد يـئست مـن عيش بلا مهجة
> تـحـس بـفـيض مـقـلتي الـدامعه
>
* لقد يئست من عيش بلا مهجة: يعبر عن حالة من اليأس والضجر من حياة خالية من الروح والشغف. "المهجة" تعني الروح والقلب.
* تحس بفيض مقلتي الدامعة: يربط هذا اليأس بالدموع الغزيرة التي تنهمر من عينيه، دلالة على الحزن العميق والفراغ العاطفي الذي كان يعانيه قبل لقائها.
المقطع السادس:
> فـمـا قـيـمة الـعـيش بــلا ان ارى
> جـمـالُ يـغـذي مـهجتي الـجائعه
>
* فما قيمة العيش بلا أن أرى: يتساءل عن قيمة الحياة إذا كانت خالية من رؤية الجمال الذي يشبع روحه.
* جمال يغذي مهجتي الجائعة: يصف جمال محبوبته بالغذاء الروحي الذي يشبع قلبه المتعطش للحب والجمال.
المقطع السابع:
> بــــلا بــسـمـة رســمـهـا الـحـنـان
> عـلـى سـطـح شـفـه بـرقةٍ لامـعه
>
* بلا بسمة رسمها الحنان: يؤكد على أهمية ابتسامتها التي يرى فيها تجسيدًا للحنان والعطف.
* على سطح شفه برقة لامعة: يصف هذه البسمة بالرقة واللمعان، مما يضفي عليها جمالًا وجاذبية خاصين.
المقطع الثامن:
> تـولـد حـبـك فــي صـميم الـفواد
> ومـن مهجة الروح اشواقه نابعه
>
* تولد حبك في صميم الفؤاد: يعبر عن عمق هذا الحب الذي نشأ وتأصل في أعماق قلبه. "صميم الفؤاد" يعني خالص القلب وداخله.
* ومن مهجة الروح اشواقه نابعة: يؤكد أن هذه الأشواق تنبع من أعماق روحه وكيانه، مما يدل على قوة هذا الشعور وصدقه.
المقطع التاسع:
> فـي مـرفأ عـينيك انـخت الـعتاد
> وفـــي وجـنـتيك قـبـلتي قـابـعه
>
* في مرفأ عينيك أنخت العتاد: يشبه عينيها بالمرفأ الآمن الذي يركن إليه ويستقر. و"العتاد" يشير إلى أدواته وأسلحته، وكأنه وجد في عينيها ملاذه وحمايته.
* وفي وجنتيك قبلتي قابعة: يتمنى أن تظل قبلته مستقرة على وجنتيها، تعبيرًا عن حبه وتقديسه لها.
المقطع العاشر:
> فــيـا زهــرة فــي جـمـال الـربـيع
> نـمـت اغـصـان روحــك الـواسعه
>
* فيا زهرة في جمال الربيع: يخاطبها بـ "يا زهرة"، تشبيهًا لها بالزهرة الجميلة المتفتحة في ربيع العمر والجمال.
* نمت أغصان روحك الواسعة: يصف روحها بالأغصان الواسعة النامية، دلالة على الخير والعطاء والجمال المتشعب في داخلها.
المقطع الحادي عشر:
> دعـيني ارتـشف من لماك العطور
> واروي من الروح انفاسها النازعه
>
* دعيني أرتشف من لماك العطور: "اللما" هو باطن الشفة، ويشبهه هنا بالعطور التي يتمنى أن يرتشف منها، كناية عن لذة حديثها وقربها.
* وأروي من الروح أنفاسها النازعة: يصف أنفاس روحه بالنازعة، أي المشتاقة والمتلهفة، وكأنه يرتوي من أنفاسها ويشبع هذا الشوق.
المقطع الثاني عشر (الأخير):
> فــــأن حــيـاتـي بــدونـك ثــبـور
> و نـفـسي بـدون نـظرتك ضـائعه
>
* فإن حياتي بدونك ثبور: يؤكد على أن حياته بدونها هلاك ودمار. "الثبور" يعني الهلاك والخسران.
* ونفسي بدون نظرتك ضائعة: يختتم القصيدة بالتأكيد على أن روحه تائهة وبلا هدف بدون نظرة من محبوبته، مما يدل على مدى تعلق روحه بها واعتماده عليها في الشعور بالوجود والمعنى.
التحليل العام للقصيدة:
تعتبر هذه القصيدة من قصائد الحب الرقيقة والعذبة، التي تعبر عن مشاعر الشوق والوله والاحتياج إلى المحبوبة بأسلوب شعري جميل ومؤثر.
* لغة القصيدة: تتميز اللغة بالرقة والعذوبة، واستخدام الصور الشعرية الجميلة والاستعارات البديعة التي تضفي على المعاني عمقًا وجمالًا.
* العاطفة: العاطفة المسيطرة على القصيدة هي عاطفة الحب الشديد والتعلق بالمحبوبة، والرغبة في القرب منها والاندماج في عالمها. هناك أيضًا إحساس باليأس السابق الذي تبدد بحضورها.
* التكرار: تكرار فعل الأمر "دعيني" في بداية العديد من الأبيات يعكس مدى إلحاح الشاعر وحاجته الماسة لهذا القرب والسماح.
* الصور الحسية: يستخدم الشاعر العديد من الصور الحسية التي تخاطب مختلف الحواس، مثل الشم (استنشاق الأنفاس، ارتشاف العطور)، والبصر (رؤية الجمال، نظرة العينين)، واللمس (قبلة الوجنتين، حضن شعاع الشمس)، مما يجعل التجربة الشعرية أكثر واقعية وتأثيرًا.
* الطبيعة: يمزج الشاعر بين صورة المحبوبة وعناصر الطبيعة الجميلة (المزارع اليانعة، الغصون، النور، الشروق، الزهرة، الربيع)، مما يضفي على المحبوبة صفات الجمال والنضارة والحياة.
باختصار، هذه القصيدة هي تعبير صادق وعميق عن الحب والاحتياج، مكتوبة بأسلوب شعري رقيق وجميل، وتترك في النفس أثرًا طيبًا. أتمنى أن يكون هذا
الشرح مفصلاً ودقيقًا كما طلبت. هل هناك أي جانب آخر تود أن نتناوله في هذه القصيدة؟
تعليقات
إرسال تعليق
أخي الزائر نحن سعيدون جدا بزيارتك لنا فزيارتك شي عظيم بالنسبة لنا و يهمنا كثيراً من فضلك أترك تعليقك هنا لما ترانا نستحقة من حروفك الذهبيات فألف الف شكر