ملك الشعراء
قصيدة كتبتها في مطلع التسعينيات من القرن الماضي إثر صدور ديوانه الشعري
(جــوّاب العصور) لكنني لم أتمكن من إسماعه إياها على الهاتف إلا قبـل أيــام فقط مـن رحيله إلى حياة الخلود
رحمه الله ..
(مَلكُ الشُّعرَاء)
هُو أقوَى مِن الرّياحِ وأعنَفْ
فلِمَن يلمَعُ البريقُ المزيَّفْ؟
ولِمنْ يُنفَثُ الدُّخانُ ويُحشـَى
في رؤوسٍ مِثلَ انتِفاخٍ مجوَّفْ؟
ولِمَن تَرسُمُ الظُّلاماتُ عِيدًا
وجنانًا بوَمَضَةِ الفجرِ تُنسَفْ؟
هُو أمــدَى مِــن كُلِّ عَدوٍ غبيٍّ
في غُبارٍ عَنِ الهَبَا يَتَكَشَّفْ
مَلِكُ الشِّعرِ والجمالِ المُغَنَّى
وهـوَ مِـن رِقَّـةِ التَّناهِـيـدِ أَرهَـفْ
سَاكِـــنٌ وَحـــــدَهُ بــــأسمى فَضــــــاءٍ
عالَـمًا من مَواجِدٍ لا تُصنَّـفْ
أَلِفَتْ ظِلَّـهُ الغُيوبُ فَأَلقَتْ
بسَناهَا في ضَوءِ مَا كانَ أَلَّفْ
رُوحُ (شـِـقٍّ) فِـيـهِ وقَلبُ (سَطِيحٍ)*
عَن (رَئِيٍّ) أعلَى وأرقَى وأشرَفْ
كلِفٌ بالسُّمُوِّ والشِّعرُ يَهذِي
وبــــهِ الفَنُّ والترانِيمُ أكلَفْ
جَاءَ مِن قَسوَةِ (البردُّونِ)* عَصـرًا
تركَ الكَونَ وهو أحنَى وأعطَفْ
كُمْ لِعَينَيكِ - أُمَّ بِلقِيسَ* – أهدَى
نُورَ عِشقٍ مِن الطُّفـولاتِ أَلطَـفْ
طَافَ يَدحُو العُصورَ، سافَرَ فِينا
وبِنَا في عَوالمٍ ليسَ تُوصَفْ
رَضِيَ الأَسرَ - قيل لي – في وِثاقٍ
غابرٍ لم يَنُحْ وَلَمْ يَتَأَسَفْ*
قُلتُ: والآخرِينَ؟ قالوا: رَمَـــــوهُ
قُلتُ: إِنَّ القَوِيَّ لا يَتَخَفَّفْ
هُوَ يَدعُو الوِثاقَ صَهوَةَ خَيلٍ
يَعرُبيٍّ، هَلْ جَازَكُم؟ أمْ تَخَلَّفْ؟
أكَّدُوا: جازَنـَا ولَـو كَـانَ أَلقَى
قَيدَهُ بالسَّحابِ كانَ تَلحَّفْ
قُلتُ: فالمعجِزُ القَديرُ أَصيلٌ
سَبقَ الفارِسينَ وهوَ مُكَتَّفْ
* الشاعر العالمي الكبير/ عبد الله البردوني. حائز على جوائز عربية وعالمية عديدة ومنها جائزة اليونسكو والتي أصدرت عملة فضية عليها صورته عام 1982
* شقٌّ وسطيح في الجاهلية رجلان من أهل اليمن وكانا من أشهر الكهّان الذين يخبرون بالمغيبات، والرئيُّ هو الذي يرى للكاهن ويأتيه بأخبار المغيبات، والمعتقد السائد أنه من الجن، ولكن الشاعر هنا يريد أن يقول أن رئيّ البردوني كان ملاكا، لأن البردوني لا يزال الكثيرون يستشهدون بأبيات من شعره، بل وبقصائد كاملة أيضًا كانت تتحدث عن تفاصيل أحداث يمنية وعربية وعالمية حدثت بعد إطلاقه للقصيدة بسنوات، ووالعجيب أن هناك أحداثا لم تقع إلا بعد رحيله إلى الحياة الخالدة، مثل ما سمّي بثورة الربيع العربي في 2011م، وقد تحدث في قصيدته (ثوار والذين كانوا) عن تفاصيل تلك الأحداث بشكل مثير للعجب.
* البردون: هي إحدى قرى محافظة ذمار في اليمن وهي مسقط رأس ملك الشعراء البردّونيّ.
* إشارة إلى ديوان (لعينيّ أم بلقيس) وهو الديوان الرابع للبردوني، وأم بلقيس هي اليمن.
* إشارة إلى عدم تخلّيه عن شعر العمود.
فؤاد المحنبي
تعليقات
إرسال تعليق
أخي الزائر نحن سعيدون جدا بزيارتك لنا فزيارتك شي عظيم بالنسبة لنا و يهمنا كثيراً من فضلك أترك تعليقك هنا لما ترانا نستحقة من حروفك الذهبيات فألف الف شكر