نرضي قلوب الناس كي ترضى عننا
فتزداد غيضا كلما نحن لها نرضي
حتى صرنا لا ندري العيب مننا
ام أنها الايام صارت كذا تقضي
شرح مطول لأبيات الشاعر عارف أحمد سيف الميرابي
نُرْضي قلوبَ الناسِ كي ترضى عنّنا
يستهل الشاعر أبياته بالتعبير عن حالة يسعى إليها الكثيرون، وهي إرضاء الآخرين وكسب رضاهم. فالإنسان بطبعه اجتماعي، ويتمنى أن يكون مقبولاً ومحبوباً من قبل الناس المحيطين به. لذلك، يسعى جاهداً لإرضاء قلوبهم، ويحرص على تلبية توقعاتهم، ويجتهد في تقديم ما يرضيهم.
فتزدادُ غيظًا كلّما نحنُ لها نُرْضي
هنا تأتي المفارقة الصادمة، فبدلاً من أن يجد الشاعر ومن معه التقدير والامتنان على جهودهم في إرضاء الآخرين، يواجهون برد فعل عكسي تماماً. فبدلاً من الرضا، يجدون الغيظ والحنق يتصاعد في قلوب أولئك الذين يسعون لإرضائهم. وكلما زادوا في محاولات الإرضاء، زاد غضب أولئك الناس واستياؤهم.
حتى صِرنا لا ندري العيبُ مننّا
يصل الشاعر في هذه المرحلة إلى حالة من الحيرة والتساؤل. فبعد أن بذلوا جهوداً مضنية في محاولة إرضاء الناس، ولم يجدوا إلا الغيظ والنفور، يتساءلون: هل العيب فينا نحن؟ هل نحن الذين نخطئ في فهم طبيعة الناس ومتطلباتهم؟ هل نحن الذين نقصر في تقديم ما يرضيهم؟
أم أنّها الأيامُ صارت كذا تقضي
يختتم الشاعر أبياته بتساؤل أعم وأشمل، حيث يطرح احتمالاً آخر، وهو أن المشكلة ليست فيهم كأفراد، ولا في الناس الذين يتعاملون معهم، بل في طبيعة الزمن نفسه. هل الأيام بطبيعتها متقلبة ومتغيرة؟ هل هي التي تجعل الناس غير راضين وغير قانعين؟ هل هي التي تخلق هذه الفجوة بين من يسعى للإرضاء ومن يُطالَب بالرضا؟
تحليل الأبيات
* تصوير الواقع: تعكس الأبيات واقعاً مريراً يعيشه الكثيرون، وهو صعوبة إرضاء الناس، بل واستحالة ذلك في بعض الأحيان.
* المفارقة: تبرز الأبيات مفارقة عجيبة، وهي أن الإرضاء قد يؤدي إلى نتيجة عكسية تماماً، وهي زيادة الغضب والاستياء.
* الحيرة والتساؤل: تعبر الأبيات عن حيرة الشاعر ومن معه، وعدم قدرتهم على فهم سبب هذا الوضع.
* التساؤل عن الزمن: يطرح الشاعر تساؤلاً عميقاً حول دور الزمن في تشكيل طبيعة الناس وعلاقاتهم.
* لغة سلسة وواضحة: استخدم الشاعر لغة سلسة وواضحة، وأسلوباً شعرياً جميلاً ومؤثراً.
الخلاصة
تعبر الأبيات عن تجربة إنسانية عميقة، وهي محاولة إرضاء الآخرين التي قد تتحول إلى معاناة وإحباط. وتدعونا إلى التفكير في طبيعة العلاقات الإنسانية، وفي دور الزمن في تشكيل هذه العلاقات. وتذكرنا بأنه من المستحيل إرضاء جميع الناس، وأن الرضا الحقيقي هو في رضا الله سبحانه وتعالى، وفي القناعة بما قسمه لنا.
تعليقات
إرسال تعليق
أخي الزائر نحن سعيدون جدا بزيارتك لنا فزيارتك شي عظيم بالنسبة لنا و يهمنا كثيراً من فضلك أترك تعليقك هنا لما ترانا نستحقة من حروفك الذهبيات فألف الف شكر